II البُعد لتحقيق الهدف

ولأن دائماً للحديث بقية أكمل لكم ما يخص تجربتي في الإنتقال والتي كما تعلمون قُدر لي أن تكون رحلة فردية

فتخيلوا معي فوضوية الحال و كمية الذكريات التي وجب عليَّ جمعها و ترتيبها، وباعتبار أني قضيت معظم طفولتي في التنقل مع عائلتي بين مدن المملكة إلا أنه كان من السهل آنذاك، فما كان عليَّ إلا أن ألملم عرائسي  وأحمل حقيبة ظهري الممتلئة بالحلوى و قصاصة ورقية بأرقام والداي. أما التجهيز هذه المرة كان مختلفاً تماماً محمل بكمٍ من المشاعر المتضاربة والمسؤوليات غير المحسوبة

قبل أن نبدأ في حال لم تقرأ الجزء الأول من سلسلة دليلك للإنتقال فبإمكانك قراءته على الرابط التالي


أولاً يعتمد الوضع على عوامل عدة; إن كان انتقالك براً ام جواً، كم عدد سنين غربتك، مسافة بُعد مدينتك الجديدة و طبيعة شخصيتك، حدد أولوياتك بناءً على ما يتناسب مع هذه النقاط وابدأ

بالنسبة لي وجدت نفسي واقفة أمام الصناديق و ممتلكاتي المترامية وبكل يأس أتفكر كيف لي أن احشو كل ذكرياتي، فبقدر خفتها على قلبي الا انها ثقيلة في المعنى ولذلك أخذ مني التجهيز ثلاثة أشهر تقريباً وهي مدة لا بأس بها لكن قد تميل للطول بسبب المماطلة طبعاً! تخللتها فتراتٌ لراحتي الذهنية، السفر وغيرها من الأسباب

و لأني لم ارد إرهاق نفسي بكم من المسؤوليات مرة واحدة فكنت أحاول الاستمتاع فلا أقدم على ترتيب حقائبي إلا بروحٍ رحبة و مستعدة

وحين أسترجع تلك الفترة و بمحي كل المعيقات فالمجهود الفعلي لم يأخذ أكثر من إسبوعين وهي مدة كافية إن كنت مستعد نفسياً وإن لم تكن أرجوك خذ يوماً لنفسك، لا تقدم على فعل شيء كُرهاً يؤثر على إنجازك، خذ نفساً عميق، توكل على الله وافعل ما تكره برضا وتقبل


ضع قائمة بما تريد أن يرافقك الرحلة سواءً كانت ورقية أم ذهنية المهم أن تعرف ما تأخذ وذكر نفسك أنك لا تصارع حقائبك فقط بل مشاعر الإنفصال أيضاً، أعذرها على تقصيرها المتوقع والطبيعي

أهم مافي الانتقال هو ذلك المكان الذي يحويك وتعود له بعد يومٍ شاق ومتعب. بالنسبةِ لي كانت من أصعب الخطوات و أكثرها تحدي بحثت بكل جدية عن مكان يناسبني وشعرت تجاهه بالانتماء كلفني ذلك وقتاً اضافياً. ففي حال ضاق عليك الوقت وتمكنت أن تبدأ الرحلة في مسكنٍ مؤقت حتى تجد ما يناسبك نصيحتي أن لا تستعجل القرار، أعطِ نفسك مدة للبحث عن مسكنٍ تأنس به

أما عن ترتيب وتنظيم غرفتي في الرياض فكانت مهمة مملة لكن  ضرورية حيث أني استغنيت عن كل ما لا أحتاج وتصدقت بكل ماهو نظيف وقابل للاستخدام ثم جمع وتنظيم ما تبقى ووضعها في صناديق بلاستيكية كما في الصور

ّومن أصعب الفقرات و أثقلهم تلك التي تفرض عليك مجبوراً توديع من تحب وعلى قسوة الموقف إلا اني اردت ان يكون انتقالي خفيف الأثر على من أعزهم من أهل وأصدقاء، بصنع "صناديق نجاة" بطابع درامي ساخر يصف شخصيتي حيث كان لها آثر لطيف هونت حدة المشاعر

صور توضح الصندوق و محتوياته و بإمكانكم الغوص في إبداعكم وخلق أفكارٍ جديدة

وأخيراً اعلم أنك لا تجهز لإنتقال جسدي فقط بل نفسي و روحي و عاطفي، وتأكد بأن ما تمر به الآن يهيئك لقادم محمل بما تحمله توقعاتك وحديث نفسك، زنها بما تراه يليق بك

تمنياتي لكم بإنتقال خفيفٌ و سهل

زميلة المهنة د. رزان القرني

Next
Next

I البُعد لتحقيق الهدف